عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-09-14, 11:10 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي التماهي، أو: أين يجد المدرس نفسه


يكشف تحليل شخصية المدرس، مثله مثل باقي الناس، أنه يلجأ إلى التماهي identification كآلية دفاعية ـ حسب إحدى مدارس التحليل النفسي ـ في وضعيات ومواقف مختلفة.
وحسب التحليل النفسي، يلجأ الفرد إلى الميكانزمات الدفاعية، كالنكوص والتعويض والتسامي والتكوين العكسي والإزاحة والاستذهان للدفاع عن نفسه ضد المخاوف والأخطار التي تهدده، وإذا كان الفرد عموما يستعمل ميكانيزمات متنوعة حسب الوضعيات، فإن الإفراط في اللجوء إليه يضعف المناعة النفسية للفرد ويجعله أكثر عرضة للأمراض العصابية névroses والذهانية psychoses.
ويلجأ الفرد إلى آلية التماهي في حالات نفسية مختلفة، ومن الممكن أن يتماهى مع أي شخص أو مجموعة. والذي يهمنا هنا يتعلق بالمدرس. فمع من يتماهى المدرس، أو لنقل: أين يجد نفسه؟
يجوز أن يتماهى المدرس ـ كأي شخص آخر ـ مع مختلف الأصناف خارج محيط العمل وداخله. والذي يهمنا هنا، مرة أخرى، هو التماهي داخل محيط العمل.
يمكن تحديد الفئات التي يتماهى معها المدرس في ثلاث:
1) فئة المدرس: حيث يجد المدرس نفسه منتميا إلى هذه الفئة دون أن يشعر بأي تذمر. وتلتقي أهداف المدرس واهتماماته ومصادر قلقه ومخاوفه مع تلك التي تميز باقي شركائه في المهنة. وفي هذه الحالة يكون المدرس مندمجا.
2) فئة المتعلم: يتماهى المدرس في هذه الحالة مع المتعلمين، ويتقمص شخصياتهم ويتبنى خطابهم، في الوقت الذي يحدث له فيه انفصال عن جماعة المدرسين. فالمدرس يرى نفسه منتميا إلى المتعلمين.
وتتنوع أسباب التماهي مع المتعلمين. وقد يكون أحد الأسباب فشل المدرس في الاندماج مع زملائه، وقد يكون عامل السن أيضا، إذ يحب المدرس أن يشعر بتقارب عمره مع عمر المتعلمين، وهذا في الحالة التي يكون فيها التقدم في العمر يمثل إحدى المخاوف التي تتهدد كيان المدرس.
ويتمظهر التماهي مع المتعلمين في سلوكات مختلفة، كأن يشغل المدرس أغلب وقته في الأنشطة التي تجمعه مع المتعلمين، أو أن يظهر المدرس تعاطفا دائما مع المتعلمين في مواجهة الإدارة مثلا.
3) فئة الإدارة: وفي هذه الحالة، تمثل الإدارة السلطة. والمدرس يرى نفسه منتميا إلى جهاز السلطة ولو أنه يمارس داخل القسم.
ويتمظهر هذا على مستوى العلاقة مع المدرسين إذ يكون المدرس متبنيا لخطاب الإدارة، متصيدا لعيوب وأخطاء المدرسين، وقد يصل به الأمر إلى أنماط سلوكية نراها نحن غير لائقة ويراها هو مقبولة ومنسجمة مع الوضعية النفسية التي تتحكم في سلوكه. مثال ذلك: التبرير، وهو أيضا ميكانيزم دفاعي، والتبليغ عن المدرسين الذين يخلون بالواجب المهني، وتحميل المدرسين كافة الأزمات أثناء المناقشات... وفي غالبا ما يكون منعزلا عن جماعة المدرسين ومندمجا في جماعة المشتغلين في الإدارة.
وتعود أسباب التماهي مع الإدارة/السلطة إلى عدة أشياء، من بينها فشل المدرس في الاندماج مع باقي المدرسين، وعدم نجاحه في أداء مهمته التربوية كأن يكون مدرسا "فاشلا".
لكن تبقى تمثلاته حول الإدارة/السلطة كجهة تملك صلاحية جلب النفع ودفع الضرر عنه أحد أهم أسباب التماهي. فهو يتقمص شخصية الإدارة حتى يندمج وتتحقق بالتالي مصالحه التي تتجاوز ما هو بيداغوجي.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس